عادل حمودة يكتب .. سيناريو جريمة كنيسة القديسين بدأ بانفجارين بينهما نصف دقيقة بواسطة ريموت كنترول أو تليفون محمول

سيناريو جريمة كنيسة القديسين بدأ بانفجارين بينهما نصف دقيقة بواسطة ريموت كنترول أو تليفون محمول

عادل حمودة يكتب .. سيناريو جريمة كنيسة القديسين بدأ بانفجارين بينهما نصف دقيقة بواسطة ريموت كنترول أو تليفون محمول 932

عادل حمودة يكتب .. سيناريو جريمة كنيسة القديسين بدأ بانفجارين بينهما نصف دقيقة بواسطة ريموت كنترول أو تليفون محمول 932

عادل حمودة يحقق من الإسكندرية

سيناريو جريمة كنيسة القديسين بدأ بانفجارين بينهما نصف دقيقة بواسطة ريموت كنترول أو تليفون محمول

بطرس غالي الكبير يشكل لجنة عقلاء من مسلمين ومسيحيين بعيداً عن الأزهر والكنيسة

مركز طبي في اللبان متخصص في استخراج شهادات تبرئة الأمن من ضحايا التعذيب
1
في الساعة الثانية عشرة والثلث كان محافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب يسلم رأسه للحلاق في بيته بحي جليم عندما سمع دوي انفجارين متتاليين بينهما نحو نصف دقيقة.لم يتطوع أحد من قيادات الأمن بالمدينة بإخباره أن الانفجارين استهدفا كنيسة القديسين التي سبق أن تعرضت لهجوم مسلح قبل أربع سنوات من شاب وصف بأنه مختل عقليا.بعد دقائق اتصلت به سكرتيرته لتطلعه علي ما حدث.. فهناك تسكن إحدي قريباتها.أكد مدير الأمن الخبر له.. لكن.. طلب منه ألا يذهب إلي مكان الحادث حتي لا يتعرض لخطر لم يعرف أحد حجمه بعد.. إلا أن المحافظ وهو ضابط أمن دولة سابق خدم في البحيرة والإسكندرية لم يعمل بالنصيحة.. وأخذ طريقه إلي شارع خليل حمادة.. مسرح الجريمة.
2
الحي الذي وقعت فيه الجريمة من أحياء الطبقة الوسطي.. يعيش علي خدمة السياحة الداخلية.. لا يعرف التعصب.. ولا تمس خطب المساجد فيه المسيحيين بسوء الكلمة.. وهو ما يعني أن الجناة من خارجه.
لكنه.. حي مثالي لارتكاب جريمة إرهابية.. فهو مزدحم بسكانه.. شوارعه ضيقة.. لا يفصل بين الكنيسة والمسجد سوي عدة أمتار محدودة.. يصعب السيطرة الأمنية عليه.. ويسهل علي الجناة الفرار لو بقوا علي قيد الحياة.
في الوقت نفسه ليس في الحي دار سينما ولا قصر ثقافة ولا ناد يجمع بين سكانه ويخلق بينهم حياة اجتماعية سوية.
3
رغم ملايين الكلمات التي نشرتها الصحف عن الحادث فإن حقيقته مازالت غائمة.. بل غامضة.
حسنا فعلت الداخلية عندما سارعت بنفي سيناريو السيارة المفخخة.. فليست هناك آثار تدل عليها.
عندما تنفجر سيارة ملغومة بمتفجرات ــ كما حدث أمام السوق القديم في شرم الشيخ (القضية 876) قبل خمس سنوات ــ لا يبقي منها سوي الأجزاء الصلبة.. ويتحول هيكلها وفرشها إلي رماد متناثر.. وينتج عنها حفرة في الأرض.. وهو ما لا وجود له في الحادث.
ويصعب القبول بوجود انتحاري.. فحجم الحزام الناسف الذي يلف به وسطه مهما حمل من متفجرات لا يمكن أن يسقط هذا العدد الكبير من الضحايا.. إلا إذا كانوا خمسة انتحاريين علي الأقل.. وهو تصور غير ممكن.
أقرب صورة لما حدث.. وجود شحنتين من المواد الناسفة قوتها اشد مما هو معروف ثماني مرات.. جري تفجيرهما عن بعد بريموت كنترول.. أو تليفون محمول.. والدليل علي ذلك سماع صوت انفجارين بينهما لحظات خاطفة. لذلك.. لا يجوز استبعاد احتمال أن الجناة لا يزالون علي قيد الحياة.. وليس من الحكمة التسرع بإعلان أنهم لقوا مصرعهم.. وإلا قيدت الجريمة ضد مقتول.. وسخر الفاعل منا.
4
والشاهد أن الأمن لا يستبعد هذا الاحتمال بدليل القبض علي أعداد غير محددة من المشتبه فيهم.. منهم الشاب السلفي الملتحي السيد بلال الموظف بإحدي شركات البترول الذي اتهمت أسرته الأمن بموته بسبب شدة التعذيب.
لقد وصل المتوفي فاقد الوعي إلي مركز «زقليح» الطبي بمنطقة اللبان بصحبة شخصين مجهولين سرعان ما غادرا المركز.
لم يشر الأطباء الذين استقبلوه إلي وجود شبهات جنائية في الوفاة بل شخصوها بأزمة قلبية.. لكن.. اللافت للنظر أن هذا المركز هو نفس المركز الذي استقبل من قبل شابا من سيوة اتهمت عائلته الأمن بحرقه حتي يجبر علي الاعتراف بسرقة كابلات نحاس تستخدم في توصيلات الكهرباء.
وما يلفت النظر أيضا تغير موقف الجماعات السلفية من الأقباط.. فعندما وقعت فتنة المسرحية التي قدمت في إحدي كنائس الإسكندرية وسخرت من المسلمين تدخل رموز من السلفيين (منهم ياسر ضرغام وجمال ضرغام) ومنعوا المسلمين الغاضبين من الاعتداء علي الكنائس.. واستخرجوا من النصوص الشرعية ما يستوجب حمايتها والدفاع عنها.
لكن.. هذا الموقف المتسامح انقلب مؤخرا إلي تحريض عبرت عنه مظاهرات ما بعد صلاة الجمعة أمام مسجد القائد إبراهيم منذ أن انفجرت قضية كاميليا شحاتة.. فقد طالبوا بتسليمها باعتبارها مسلمة تحتجزها الكنيسة.. وطالبوا بمقاطعة شركات الأقباط.. ورفعوا لافتات تهاجم البابا.. وأسقطوا صورته علي الأرض.. وهو ما وضعهم في دائرة الاشتباه بعد التفجيرات الأخيرة.
5
وما يلفت النظر كذلك أن الطب الشرعي ذهب إلي معاينة الكنيسة التي تعرضت للهجوم يوم السبت الماضي بعد ثمانية أيام من وقوعه وهي مدة كافية لتغيير مسرح الجريمة والعبث به.
6
جري الاتفاق بين المحافظ والأنبا يؤانس علي أن يدفن ضحايا الحادث في دير مار مينا علي أن يوضع صندوق كل ضحية في سيارة مستقلة في موكب مهيب.
والدير يقع في كينج مريوط.. وبه جثمان البطريرك السابق البابا كيرلس السادس الذي تدل آثاره هناك علي شدة تواضعه.. فالخف الذي كان يضعه في قدميه متآكل.. والثوب الموشي بالقصب الذي أهداه له الإمبراطور الحبشي هيلاس لاسي ظل كما هو لم يلمسه خوفا من أن يصاب بزهو الملوك والقياصرة.. ويتبارك الزوار بوضع ايديهم علي ضريحه كما يفعل المسلمون في مساجد أولياء الله الصالحين.. ويحتفظون بقطع صغيرة من كسوة مقدسة مثلما يفعل محاسيب السيدة زينب بعد تغيير القماش الذي يغطي مقامها.
وصل موكب " الشهداء " الحزين إلي الدير وسط تجمع قبطي هائل يتجاوز عدده الخمسة آلاف جاءوا من مختلف أنحاء البلاد بسرعة مذهلة تثير الانتباه وبكثافة هائلة تذكر بقدرة تنظيم الإخوان المسلمين علي حشد أنصارهم في المناسبات المختلفة.
اخترق عادل لبيب ومفيد شهاب الزحام بصعوبة ليجدا في قاعة الصلاة أحمد المغربي ومحمد عبد السلام المحجوب.. وفشل العديد من أعضاء مجلس الشعب من اللجنة الدينية في الدخول.
لم يمر الموقف بسلام.. فقد تعالت صيحات الغضب القبطي بقوة لم تحدث من قبل.. وأصيب أحمد المغربي في رأسه وكاد يغمي عليه.. وتعرض عادل لبيب لهتافات معادية.. طالت رموزاً سياسية أكبر منه.. وخرج المحافظ والوزراء والنواب من باب خلفي وقد استولي عليهم مشاعر الفزع والدهشة.
7
منذ تولي عادل لبيب منصبه وهو يجد نفسه في مرمي نيران متقاطعة تأتيه من اتجاهات مختلفة.. فرئيس الحكومة الذي حقق حلمه بالسكن في شاليه علي شاطئ المعمورة بعد أن هدم وبني ما حوله وامتلك شقة بالملايين في فور سيزونز هشام طلعت مصطفي بسان ستيفانو لا يطيقه وحاول مرتين إقصاءه عن منصب المحافظ لولا تدخل الرئيس.. وأصحاب المصالح من المخالفين في مشروعات البناء يجدونه كاللقمة التي تقف في حلقهم.. وانضم إليهم لوبي الشيشة التي منعها في الأماكن المغلقة وحرمهم من أرباح بالملايين علي حساب صحة المصريين.
وحدث في عام 2006 أن طالب محام يحمل توكيلا عن البابا استثناء لمبني يتبع الكنيسة علي شاطئ أبو تلات ويتجاوز حدود حرم البحر.. ولكن.. المحافظ رفض.. وتدخل وسطاء الشر في الوقيعة بينهما.. فكان أن أعلن البابا عن مقاطعته للإسكندرية عدة أسابيع اعتراضاً واحتجاجاً.
إن الاستقامة في زمن الفساد جريمة والمشي علي الصراط المستقيم خطيئة يجب أن يدفع ثمنها المسئول الدوغري الذي يصر علي تطبيق القانون ويرفض الاستثناءات.
ومنذ سنتين قرر عادل لبيب أن يضع مداخل الإسكندرية وأحياءها وشوارعها تحت رقابة الكاميرات الحديثة التي تعد وسيلة لردع المحرضين علي الجريمة والفتنة بجانب متابعة الأزمات التي يمكن أن تقع ولو عابرة من خلال غرفة خاصة بها.
ومن سوء الحظ أن التجربة بدأت صباح أول يناير بعد ساعات من وقوع حادث كنيسة القديسين ولو تقدم التشغيل يوما لكان من السهل التوصل إلي الجناة.
8
الإهانة التي تعرضت لها الشخصيات الرسمية في مار مينا تكررت مع غيرهم في الكاتدرائية.
بعد أن انتهي شيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف من تعزية البابا فوجئوا بوجود مؤتمر صحفي ينتظرهم.. بدأه ملياردير صناعة الدواء ثروت باسيلي الذي أمسك بالميكرفون وراح يتحدث عن معاناة الأقباط طوال الثلاثين سنة الماضية.. وانتهي إلي اتهام الأمن بالتقصير بعد أن جاءت تهديدات بتفجير كنائس ولم يتحرك أحد.. وبسبب ما قال نفرت عروق نحو 200 شاب كانوا يحيطون به.. حاصروا سيارات المسئولين الثلاثة وألقوا عليها اللعنات والحجارة.. وتكررت علي ألسنتهم عبارة " مش عايزينكم.. مش عايزينكم ".
وتكرر المشهد نفسه في وجود ثروت بسيلي مع وزراء التجارة والعمل والزراعة والتنمية المحلية والتنمية الإدارية الذين جاءوا للتعزية أيضا واضطر أمين أباظة أن يرد علي ما أثاره ثروت باسيلي من تحريض.
كسب ثروت باسيلي ثروته الهائلة من بيع مصانع الأدوية لشركات أجنبية وأنشأ قناة تليفزيونية قبطية لا تتردد في بعض الأحيان في سكب البنزين علي النار.. ولابد أن غضبه تضاعف بعد أن تعرضت إحدي منشآته الرياضية لبلدوزرات مدينة 6 أكتوبر.
وبسبب ارتباطه بالمجلس الملي يميل إلي الأنبا يؤانس ويري أنه خير خليفة للبابا شنودة الذي يتصور البعض أنه يريد بيشوي بعده.
والحقيقة أن رموز الكنيسة والمؤثرين فيها منقسمون بين بيشوي ويؤانس علي وراثة المنصب وهي فتنة داخلية مكتومة تزيد من التشدد.. فهناك تصور أن الأصلح هو الأقوي.
أما الأزمة الصعبة فهي شدة الخلاف بين الكنيسة والأجيال القبطية الشابة التي ولدت في زمن التعصب والتمييز وتري أن العنف لا يواجه إلا بالعنف.. وانعكس ذلك بوضوح في سلسلة المظاهرات التي توالت في أماكن مختلفة بعد التفجيرات.
في مظاهرة اتسمت بالعنف أمسكت قيادات الأمن أعصابها رغم إصابة عدد مذهل من الجنود والضباط بحجارة المتظاهرين.. فكان أن اتصل ضابط عظيم بأحد المسئولين في الكنيسة يطالبه بصرف المتظاهرين حتي لا يجبر علي إدخال فرق الكاراتيه التي ترتدي الملابس المدنية للتعامل معهم.. فما كان من المسئول الكنسي إلا أن قال : إنه يستطيع التحكم في ثمانين بالمائة من المتظاهرين أما الباقي فقد انضموا من تلقاء أنفسهم.
9
الغضب الذي انفجر علي امتداد الوطن كوحش كسر سلاسله الحديدية لابد من إعادته إلي القفص حتي لا يأكلنا.. صحيح أن الغضب ظاهرة صحية تثبت أن الجهاز العصبي للأقباط بخير وصحيح أن الغضب هو ترمومتر دقيق نقيس به درجة يقظتنا.. ولكن الغضب إذا خرج عن طوره تحول إلي حمي.
والذي حدث أن الإرهاب التقط جرثومة التعصب الغريبة فارتفعت درجة الحرارة في الجسد المصري.. ولكن.. هذه الجرثومة لا تعالج بطريقة الطب البلدي.. بالأدعية وكتابة الرقي والتعاويذ التي تطرد الشياطين من جسد المريض.. وإنما بكميات هائلة من المضادات الحيوية (الانتيبيوتك) السياسية والقانونية والوطنية.. ولو كانت التفجيرات قد أزالت التراب عن معدن الذهب المصري الأصيل وكشفت عن تضامن حقيقي عبر عن نفسه بمظاهرات الوحدة الوطنية ومشاركة المسلمين المسيحيين صلواتهم في الكنائس فإنه يجب استغلال اللحظة في فتح الملفات المسكوت عنها وتسوية المشاكل المعلقة وإثبات أن المواطنة حقيقة ملموسة في كافة شئون الحياة اليومية وليست مجرد نص قانوني ميت مدفون في الدستور.
لقد وافق البابا في حوار قبل قداس عيد الميلاد مع الدكتور بطرس بطرس غالي والدكتور علي السمان علي تكوين مجموعة غير رسمية من الشخصيات العامة تكون بمثابة فرقة تدخل سريع لعلاج الأزمات الطائفية بعيدا عن الإعلام.. ووعد البابا بتقديم أسماء الجانب القبطي قبل سفره للعلاج في كليفلاند.. وإن اعتذر عن لقاء مشترك مع شيخ الأزهر دعا إليه مكرم محمد أحمد في نقابة الصحفيين.
ولكن.. كان هناك رأي آخر يري ان هذه اللجنة المكونة من عقلاء الأمة يجب أن يجري اختيار أعضائها بعيدا عن المؤسسات الدينية لتعمل بحرية وعدالة وموضوعية.. وكان ذلك رأي علي المصيلحي والدكتور عبد العزيز حجازي.. وسانده علي السمان الذي اختير شعاره " الدولة قبل المسجد والكنيسة " ليكون شعار اللجنة.
واعترض البعض علي اقتراح شيخ الأزهر بتكوين ما يسمي ببيت العائلة المصرية الذي يضم رجال دين من الجانبين فهو تكريس لاستقطاب المؤسسات الدينية علي حساب الدولة المدنية.
10
في ليلة قداس عيد الميلاد أيضا وضعت الكاتدرائية تحت حراسة أمنية مشددة وأغلقت أبواب المحلات والمساجد وتحول مسار المرور ولم تمر سوي سيارات شخصيات بعينها لتشارك في القداس.
وداخل الكاتدرائية نفذت ببراعة فكرة وزير الإعلام في تجميع مقدمي برامج التوك شو في كافة القنوات الرسمية والخاصة ليقدموا برنامج " المصريون " باستضافة رموز مصرية مؤثرة... مثل خير شلبي وجمال الغيطاني واحمد عبد المعطي حجازي وجابر عصفور وإبراهيم أصلان والأنبا موسي والأنبا يؤانس ويوسف بطرس غالي ويسرا وعادل إمام وعمار الشريعي ومصطفي الفقي وحمدي رزق.. كانت الخطة ظهور مذيعين مع شخصيتين في كل فقرة علي أن يكون هناك ضيف مسلم وآخر قبطي.. وهو ما حدث في الفقرة الأولي حيث ظهر جمال الغيطاني مع الأنبا موسي.. وهو ما حدث أيضا في الفقرة الأخيرة حيث ظهر عادل إمام مع بطرس غالي.. وكان مقررا أن أظهر مع الأنبا يؤانس ولكنه قبل دقائق من البث رفض بدعوي الخوف من غضب البابا.. فكان رفضه دليلاً علي أن المشكلة الطائفية ليست لها وجه واحد.. أو جانب واحد.