أقباط يرفضون قانون دور العبادة الموحد لأنه يحرم الكنيسة من السيطرة وإحكام قبضتها .. يخضع الكنائس والأديرة لإشراف هيئة الأوقاف ..

أقباط يرفضون قانون دور العبادة الموحد لأنه يحرم الكنيسة من السيطرة وإحكام قبضتها .. يخضع الكنائس والأديرة لإشراف هيئة الأوقاف .. ويمنح جهاز المحاسبات سلطة مراجعة أموالها والرقابة عليها .. ويعطي وزارة التضامن حق تعيين مجالس إداراتها مثل المساجد

أقباط يرفضون قانون دور العبادة الموحد لأنه يحرم الكنيسة من السيطرة وإحكام قبضتها .. يخضع الكنائس والأديرة لإشراف هيئة الأوقاف .. 231838201091985

أقباط يرفضون قانون دور العبادة الموحد
1
القانون يخضع الكنائس والأديرة لإشراف هيئة الأوقاف
2
.. ويمنح جهاز المحاسبات سلطة مراجعة أموالها والرقابة عليها
3
.. ويعطي وزارة التضامن حق تعيين مجالس إداراتها مثل المساجد

ليس صحيحا ما تردده القيادات القبطية من أن حل الأزمة الطائفية الخارجة من رحم أزمات ومشاكل الكنائس في مصر، سيكون بإقرار قانون دور العبادة الموحد، فخلف الكواليس السياسية، حيث إنه ليس كل ما يعرف يقال، تؤكد مصادر سيادية أن هناك حالة من الرفض لقانون دور العبادة الموحد من قبل قيادات قبطية عديدة، لأن هذه القيادات تعرف جيدا أن القانون لن يكون في صالح الكنيسة بأي حال من الأحوال.
ما حدث في الإسكندرية من اعتداء علي كنيسة القديسين فتح الملف مرة أخري، رغم أن ما حدث ليس له علاقة مباشرة بأزمة بناء الكنائس أو الترخيص لها، وكان الأكثر منطقية أن نناقش الملف عندما وقعت أحداث العمرانية في نوفمبر الماضي، لكن هناك حالة هروب فعلية من القانون، رغم أن الخطاب القبطي يركز في كل مرة علي أن الحل فيه، وهو ما يبدو مما سنشير إليه أنه ليس أكثر من خطاب للاستهلاك الإعلامي أو للتمويه علي ما يريده الأقباط بالفعل.
هناك من بين الشخصيات القبطية السياسية من هو أكثر صراحة مع نفسه ومع الآخرين، ومن بينهم الدكتور نبيل لوقا بباوي، الذي تقدم الأسبوع الماضي إلي مجلس الشوري - بباوي نائب معين في المجلس - باقتراح برغبة، طالب فيه صراحة ودون مواربة بإلغاء فكرة صدرو قانون لدور العبادة الموحد الذي يضم تنظيم عملية بناء الكنائس والمساجد معا.
البديل عند بباوي أن يصدر قرار جمهوري ببناء الكنائس الجديدة، وهناك سابقة لذلك، فقد سبق للرئيس مبارك أن أصدر قرارين بترميم الكنائس، الأول رقم 13 لسنة 1988، والثاني رقم 453 لسنة 1995، أي أن صدور قرار جمهوري ملزم للجهات المختلفة ببناء الكنائس يمكن أن يكون أكثر واقعية وقدرة علي حل المشكلة من جذورها.
أما لماذا طلب بباوي ما طلبه؟...فالإجابة في اقتراحه، يقول:"في عهد الرئيس مبارك انتهت مشكلة ترميم الكنائس ولكن ظلت مشكلة الترخيص ببناء كنائس جديدة، ولدينا أمل ألا نفكر في صدرو قانون لدور العبادة الموحد بتنظيم بناء الكنائس والمساجد معا، نظرا لوجود ثقافات دينية مختلفة، وخاصة القادمة من دول الخليج، وهي ثقافات تتحفظ علي قبول الآخر، وسوف يزايدون بأصواتهم العالية في هذه المشكلة، ولذلك فإن صدور قانون لدور العبادة الموحد سوف يجلب من الضرر أكثر مما يجلب من النفع نظرا لأن المناخ العالمي والمحلي أصبح به غيوم تيارات ذات اتجاهات دينية متضاربة".
ويزيد بباوي وجهة نظره ايضاحا، يقول:"الأمر الآن في إصدار قرار جمهوري ينظم بناء الكنائس الجديدة علي أسس موضوعية، علي سبيل المثال إذا توفر في المكان أربعمائة أو خمسمائة ألف مسيحي يقيمون في ذلك المكان يصدر لهم قرار من المحافظ المختص ببناء كنيسة جديدة، علي أن يكون الترخيص من المحافظ المختص وليس بقرار من رئيس الجمهورية، كما هو الحال في ترميم الكنائس، بحيث من يتظلم يرفع قضية أمام القضاء الإداري علي المحافظ وليس علي رئيس الجمهورية".
لقد كان دافع نبيل لوقا بباوي لتقديم هذا الاقتراح غضبه الذي بدا لي عندما تحدثت منه، فهو يري أن هناك حالة من التواطؤ من الجميع مسئولين وقيادات قبطية علي ألا يصدر قانون دور العبادة الموحد، فالكلام سيصل إلي ذروته في كل مكان عن أزمة بناء الكنائس، ثم تهدأ الأمور مرة أخري، بعد أن تكون آثار مذبحة الإسكندرية قد تلاشت، وتعود «ريمة لعادتها القديمة».
يتحدث ويتصرف نبيل لوقا بباوي بحسن نية إذن، وهي حسن النية التي تسبب له الكثير من المشاكل، فكثيرون من الأقباط يعتبرونه بوقا وعميلا للنظام المصري ليس إلا، يقول ما يقوله، ويوافق علي كل ما يصدر منه، حتي لو كان ضارا بالأقباط، لكن بباوي علي الأقل واضحا، وليس كآخرين يعلنون ما يبطنون.
لكن لماذا ترفض قيادات قبطية قانون دور العبادة الموحد؟
إن بناء الكنائس والأديرة بوضعها الراهن يمنح الكنيسة سيطرة كاملة عليها، لا أحد يتدخل فيها، ولا أحد من الحكومة قل شأنه أو عظم، يمكن أن يعرف ما الذي يدور خلف أبواب الكنائس أو خلف أسوار الأديرة، وهو ما جعل المناخ خصبا وصالحا ومتقبلا لأية شائعات، مثل تخزين السلاح في الأديرة، وحبس الخارجين من المسيحية في سجونها، وهو كلام مطلق ليس عليه أي دليل حتي الآن.
الوضع سيختلف كثيرا عندما يصدر قانون موحد لدور العبادة، فالأمر كله سيكون في قبضة من سيقومون علي أمر تنفيذ القانون، ويكون لهم الحق بفعل وقوة القانون في التدخل في كل صغيرة وكبيرة، ويمكن أن نرصد مخاوف الأقباط من القانون في عدة نقاط أعتقد أن الاختلاف عليها وحولها ليس كبيرا
أولا:القانون سوف يخضع الكنائس والأديرة إلي وزارة الأوقاف التي تتبعها المساجد، فهناك هيئة الأوقاف القبطية التي ستتسلم الكنائس والأديرة، وهي في النهاية هيئة تابعة لوزير الأوقاف، وفي هذه الحالة سترفع يد الكنيسة ويد البابا شنودة عن كل ما يتعلق بالكنائس، بل لن يكون بعيدا أن تتدخل جهات أخري في تعيين رجال الدين المسيحي في مناصبهم، كما يحدث في المساجد، لأن ما يقومون به يتعلق بالأمن القومي المصري، وهو أمر لا يمكن لأحد أن يقف أمامه لا الكنيسة ولا غيرها.
ثانيا:سيرتب القانون أمرا آخر في غاية الخطورة أعتقد أن الكنيسة لن توافق عليه أو تقره، فسيكون من حق الجهاز المركزي للمحاسبات أن يتدخل لمراقبة أموال دور العبادة المسيحية، لأن أموالها في حالة صدرو القانون أموال عامة، ومن حقه أن يعرف ما يدخل إلي الكنائس من موارد وما يخرج منها من مصروفات، وهو أمر يعتبره البابا شنودة قدس الأقداس لا يسمح لأحد علي الإطلاق بالاقتراب منه، بل يعتبر أن هذه أموال الأقباط ولا يحق للدولة أن تقترب منها.
ثالثا:في هذه الحالة سيكون من حق وزارة التضامن أن تدخل علي الخط، فإذا كانت دور العبادة التي تقام فيها الصلوات تابعة بشكل مباشر إلي وزارة الأوقاف، فإن الهيئات والجمعيات التابعة لدور العبادة تتبع وزارة التضامن، ولا تعمل إلا بعد الحصول علي ترخيص من الوزارة، كما أن من حق الوزارة أن تعين مجالس إدارات هذه الهيئات والجمعيات، ومن حقها أيضا أن تعزلها.. وكما يحدث في المساجد سيحدث في الكنائس وسيكون هذا بقوة القانون، ولن تستطيع الكنيسة أن ترفض أو تعترض، لأنها بذلك ستحقق مقولة أنها دولة داخل الدولة.
القانون إذن يمكن أن يكون مأزقا كبيرا، ولذلك فإن الجهود القبطية غير المعلنة تعمل جاهدة علي ألا يصدر، لأنها لن تقدر علي تبعاته.
سبب آخر لخوف الأقباط من صدور قانون دور العبادة الموحد، وهو أنهم يعرفون جيدا أن الدولة بما تجيده من استخدام القانون يمكن أن تصدر القانون وبه ثغراته التي تنفذ منها لتعطيل بناء دور العبادة المسيحية، ولذلك فإن ما يريده الأقباط أن يكون لديهم الحق المطلق في بناء دور العبادة الخاصة بهم دون تدخل من أحد - أي أحد - وهو ما لن توافق عليه الدولة.. ولذلك فإن الحل الأمثل أن يظل الوضع علي ما هو عليه، والكنيسة تعرف جيدا كيف تستغله وتحصل علي ما تريده علي هوامش الأزمات التي تحدث، وهي أزمات لا تنتهي أبدا، والكنيسة أول من يعرف ذلك جيدا ويستفيد منه.

محمد الباز