د. بطرس بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان «المستقيل»: «التيار الأصولي يخطط لسرقة الثورة وإعادتنا للعصور الوسطي

عاطف بشاي يكتب: انتبهوا.. أعداء الحرية يوقظون الطائفية .. هل تنتهي الوحدة الوطنية التي بدأت في ميدان التحرير علي يد المتعصبين؟

د.منى حلمى يكتب .. ضد «الذكورية» وضد «المادة الثانية» من الدستور !

كتب هويدا يحيى العدد 4317 - السبت الموافق - 5 مارس 2011

رغم حالة الاكتئاب والحزن الشديد التي تسيطر علي د. بطرس بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ استقالة أعضاء المجلس، إلا أنه حرص علي الحديث معنا حول تطورات الأحداث المتلاحقة، مؤكداً أنه لم يكن معارضاً أو مؤيداً للثورة في البداية، وقال إنه في النهاية رفض أن يكون الشعب المصري ضحية أزمة اقتصادية صعبة، فنحن في حاجة للنصر في ثانية وإعادة الثقة، محذراً من التأثير السلبي الذي يلعبه تيار أصولي. وقال إنه يريد أن يعود بنا إلي العصور الوسطي.
كيف تقيم دور المجلس القومي خلال الظروف الدقيقة التي شهدها المجتمع المصري مؤخراً؟
- المجلس رغم احتراق مقره إلا أنه سعي لاستكمال مسيرته وأداء رسالته في الدفاع عن أهدافه الأساسية علما بأن دوره محدود، حيث أوصي بضرورة إنهاء حالة الطوارئ والتحقيق في الملابسات التي صاحبت الانهيار الأمني.
وماذا كانت رؤيته تجاه التعديلات الدستورية المقترحة؟
- أوصينا بضرورة إسقاط القيود المتعلقة بالترشح لتولي منصب رئيس الجمهورية والتي تتعارض مع مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وكذلك تحديد مدتين متتاليين فقط لتولي المنصب مع تطبيق الإشراف القضائي علي الانتخابات والأخذ بنظام القائمة النسبية لضمان أفضل تمثيل للأحزاب السياسية.
البعض اتهمك في ظل حالة التخوين العامة أنها ضد الثورة؟!
- يجب أن أشير إلي أنني لم أكن معارضًا أو مؤيدًا لما يحدث قبل تنحي الرئيس مبارك، بل كنت بشكل عام أؤيد الاستقرار والحفاظ علي سلامة الوطن، وكنت أري أن من دفع ثمن الحالة التي شهدها المجتمع هو الشعب المصري نفسه حيث خسرت مصر يوميا مليارات الدولارات وناهيك عن كارثة هروب السائحين وسقوط البورصة وخسائر البنوك.
وكيف يمكن التغلب علي هذه الأزمة من وجهة نظرك؟
- من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية وإعادة الثقة والطمأنينة للسائحين في مصر وتشغيل الأيدي العامة وإنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
هل تري أن محاولات سرقة الثورة ستنجح أو حتي الثورة المضادة؟!
- أسباب الاحتجاجات منذ البداية تكمن أساساً في ارتفاع نسبة البطالة فالعديد من الشباب لا يجدون فرص عمل بعد تخرجهم في الجامعات، وكنا نتلقي يوميا شكاوي عديدة في هذا الشأن بالإضافة إلي ارتفاع الأسعار وتأثير الأزمة الاقتصادية العالمية علما بأنه أصبحت لدي الطبقة المتوسطة والفقيرة تطلعات لا يمكن تلبيتها وبالتالي لم تعد قادرة علي مسايرة الواقع الذي نعيش فيه خاصة مع انتشار ظاهرة استخدام التليفون المحمول، والذي يذكرني بانتشار الراديو منذ أكثر من 100 عام.
وكيف يمكن التعبير عن الرأي بدون الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة والأمن؟
- لا توجد أية موانع من التعبير عن الرأي وتنظيم المسيرات السلمية والإضرابات بشرط أن تكون بشكل هادئ وآمن، وفي باريس كنت أشاهد يوميا إضرابات ومظاهرات ضد الحكومة، ونجد في العديد من الدول العربية ذات الشيء.
تعليقك علي تصاعد حدة التوتر الطائفي بين المسلمين والأقباط خاصة عقب حادث القديسين الأليم، وقبل ظواهر التآخي الديني في الثورة؟!
- يجب أن نلفت النظر إلي آثار الأموال الطائلة العائدة من البترول والتي دفعت بعض الدول إلي الاهتمام بالتبشير مثلما فعلت الكنيسة الكاثوليكية حيث قامت ببناء المستشفيات والكنائس، مما ساعد علي ظهور الجانب الوهابي والذي يمثل 5% من المسلمين بالإضافة إلي الأمية المتفشية والتي لا تسمح بالمزيد من التقدم والتطور الثقافي، فعلي الرغم من أن البوذية غير معترف بها في العديد من العربية إلا أنه في أندونيسيا وهي أكبر دولة إسلامية اجتماعات شبه يومية بين المسلمين والبوذيين، فالانفتاح ليس مظاهرة فقط التليفون المحمول والكمبيوتر ولكن لابد من تطوير الفكر أيضاً، أمريكا قبلت وزيرة خارجية مولودة في تشيكوسلوفاكيا وفي كندا نجد رئيسة جمهورية مولودة في هونج كونج.
وهل من الممكن أن نتجاوز هذه الأزمات الطائفية قريباً؟!
- منطق الشباب القبطي إن حادث القديسين جاء نتيجة التعصب الديني ولكنه أيضاً المقصود به الإضرار بالأمن العام ولذلك يجب العمل علي احتواء التعصب الديني من خلال تقوية وتدعيم الأقلية حيث أصبحت لدينا ظاهرة جديدة وهي أن الأقباط يشعرون بالتهميش رغم أنهم نجحوا في ميادين مختلفة مثل الصناعة والتجارة إلا أنهم بعيدون عن السياسة لأن لديهم صورة مسبقة تجعلهم يعتقدون أنهم إذا ترشحوا لن ينتخبهم أحد.
وكيف يمكن احتواء ومعالجة هذه القضية من وجهة نظرك؟
- هي متعلقة بمستقبل الدولة ونشير إلي أن هناك ميزة كبيرة في مصر وهي استحالة التفرقة بين المسلمين والأقباط من حيث الشكل والجنس بالمقارنة مع السودان علي سبيل المثال حيث الاختلاف الواضح بين سكان الشمال والجنوب وكذلك بين قبيلتي التوتو والتوتسي في رواندا رغم أنهم كلهم أقباط كاثوليك، أما في مصر فنجد أن المسلمين والأقباط يتحدثون ذات اللغة ويقطنون في ذات المنازل والقري، أما بالنسبة للتفكير الفطري المتعلق ببناء المساجد والكنائس فهو موجود في كل الدول.
وما دور المؤسسات الدينية في هذا الشأن؟
- عليها عاتق كبير وأيضاً الإذاعة الدينية تلعب دوراً مهماً والتي لا توجد في كثير من دول العالم، فالحكومة تستطيع أن تعتقل المتطرفين والخارجين عن القانون ولكن من الصعب الكشف عن العناصر الإخوانية بين أساتذة الجامعات ومدي التأثير السلبي الذي يلعبونه أو أي تيار أصولي متشدد.
وهل نحن بحاجة لمشروع قانون لدعم الوحدة الوطنية؟
- لا يمكن فرض هذه القضية بالقوانين ولكن تأتي من خلال تغيير الثقافة المجتمعية وتعديل المناهج، فالقضية هنا ليست لها علاقة بالدين بقدر ما لها علاقة بالفكر، الدولة فقدت جزءا من سيادتها ولا يمكن حل المشاكل المجتمعية علي مستوي محلي أو وطني بل معظم القضايا أصبحت دولية فكيف علي سبيل المثال حل مشكلة المياه والبيئة وارتفاع البحار.
وهل كنت تتوقع تكرار المشهدين المصري والتونسي في دول عربية أخري؟
- لا إطلاقاً لسبب بسيط منذ عدة أعوام حدثت مظاهرات مماثلة في الجزائر بطريقة منتظمة وكذلك الحرب الأهلية في لبنان ولم تنتقل وقتها إلي باقي الدول إذ لا أستطيع أن أقول إن ما حدث في تونس له رنة خاصة ثم لا يمكن مقارنة دولة مثل تونس 80% من شعبها متعلمون بدول أخري تعاني من الأمية، إذ لا يجب أن نبالغ مما حدث في تونس لأن هناك أوساطا لها مصلحة في أن تنتقل هذه الموجة إلي مصر وغيرها من الدول.
بماذا تقصد بهذه الأوساط التي لها مصلحة في نقل العدوي إلي دول عربية وبالطبع كان منها مصر؟
- تيار أصولي يشعر بالغضب من الحكومة أو جهات خارجية أخري لها مصلحة في إضعاف مكانة مصر مع إني ضد نظرية المؤامرة ولا أحبها لأني أري أن الضعيف فقط هو الذي يلجأ إليها وذلك بهدف إلهاء الحكومة عن حل المشاكل الأساسية الأخري أهمها الانفجار السكاني فلدينا 80 مليونا يعيشون علي 6% من الأراضي بالإضافة إلي مشكلة المياه والبطالة، كلها مشاكل داخلية كبري.
وما تعليقك علي قضية انفصال السودان؟
- ما يهمني موقف مصر تجاه الدولة الجديدة فإذا اهتمت بها ستحقق مكاسب عالية في قضية المياه والعكس صحيح حيث ستصبح الدولة الجديدة عقبة في حل أزمة مياه نهر النيل.
وماذا عن القضية الفلسطينية في ظل هذه الأوضاع؟!
- ردي بسيط، إذا كنت مسئولا صهيونيا فمن مصلحتي ألا أوافق علي الصلح في ظل هذه الأوضاع، والدول العربية لديها ما يكفيها من مشاكل كبري، إذا ضعف الجانب العربي والفلسطيني يفسر التوسع الإسرائيلي وعدم رغبتها في تحقيق السلام.
وكيف يمكن التصدي للإرهاب من وجهة نظرك؟
- الإرهاب أصبح ظاهرة دولية ويجب العمل علي إنشاء جهاز دولي يتولي مكافحة هذه الظاهرة والحد منها.
هل حقوق الإنسان والأمن القومي نقيضان لا يجتمعان؟
- إطلاقاً فبدون دعم الحكومة وتفعيلها لثقافة حقوق الإنسان لما استطعنا القيام بدورنا ونحن نتعاون مع الوزارات لنشر الثقافة بين الفئات المختلفة في المجتمع.
وكيف تري مستقبل حقوق الإنسان في المستقبل المصري؟
- نحتاج إلي وقت طويل لتنمية الوعي بالقضية علماً بأنه لا يوجد ما يسمي بالهدف المثالي أي لا توجد دولة في العالم حققت أهدافها بشكل مثالي، ولكن نحن نحاول أن نقترب منه ونحتاج لمجهود مستمر في هذا الشأن، آخذا في الاعتبار المشاكل الجديدة المرتبطة بالثورة التكنولوجية، حتي حقوق الإنسان تحتاج إلي تطوير وإذا لم ننفتح علي العالم الخارجي سنبقي دائما متخلفين، ومع الأسف العيب الكبير للتيارات الأصولية أنها تريد أن تعود بنا إلي العصور الوسطي، فهو تيار مازال يفكر ونحن في عام 2011 في أن يدخل الحمام بالقدم اليمني أم اليسري!.